تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 352 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 352

352 : تفسير الصفحة رقم 352 من القرآن الكريم

** وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنّ اللّهَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ * يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ وَمَن يَتّبِعْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ فَإِنّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـَكِنّ اللّهَ يُزَكّي مَن يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
يقول الله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم} أي لولا هذا لكان أمر آخر, ولكنه تعالى رؤوف بعباده رحيم بهم, فتاب على من تاب إليه من هذه القضية, وطهر من طهر منهم بالحد الذي أقيم عليهم, ثم قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به {ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {خطوات الشيطان} عمله. وقال عكرمة: نزغاته. وقال قتادة: كل معصية فهي من خطوات الشيطان. وقال أبو مجلز: النذور في المعاصي من خطوات الشيطان. وقال مسروق: سأل رجل ابن مسعود فقال: إني حرمت أن آكل طعاماً وسماه, فقال: هذا من نزغات الشيطان, كفّر عن يمينك وكل وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده: هذا من نزغات الشيطان, وأفتاه أن يذبح كبشاً.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا حسان بن عبد الله المصري, حدثنا السري بن يحيى عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال: غضبت علي امرأتي فقالت هي يوماً يهودية ويوماً نصرانية, وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك, فأتيت عبد الله بن عمر فقال: إنما هذه من نزغات الشيطان, وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة, وأتيت عاصم بن عمر فقال مثل ذلك. ثم قال تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبد} أي لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ويزكي النفوس من شركها, وفجورها ودنسها, وما فيها من أخلاق رديئة كل بحسبه, لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيراً {ولكن الله يزكي من يشاء} أي من خلقه, ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي. وقوله {والله سميع} أي سميع لأقوال عباده {عليم} بمن يستحق منهم الهدى والضلال.

** وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسّعَةِ أَن يُؤْتُوَاْ أُوْلِي الْقُرْبَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوَاْ أَلاَ تُحِبّونَ أَن يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ
يقول تعالى: {ولا يأتل} من الألية وهي الحلف, أي لا يحلف {أولو الفضل منكم} أي الطّوْل والصدقة والإحسان {والسعة} أي الجدة {أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله} أي لا تحلفوا أن لا تصلوا قراباتكم المساكين والمهاجرين. وهذا في غاية الترفق والعطف على صلة الأرحام, ولهذا قال تعالى: {وليعفوا وليصفحو} أي عما تقدم منهم من الإساءة والأذى ؟ وهذا من حلمه تعالى وكرمه ولطفه بخلقه مع ظلمهم لأنفسهم, وهذه الاَية نزلت في الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة بعدما قال في عائشة ما قال, كما تقدم في الحديث, فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين عائشة, وطابت النفوس المؤمنة واستقرت, وتاب الله على من كان تكلم من المؤمنين في ذلك, وأقيم الحد على من أقيم عليه ـ شرع تبارك وتعالى وله الفضل والمنة, يعطف الصديق على قريبه ونسيبه وهو مسطح بن أثاثة, فإنه كان ابن خالة الصديق, وكان مسكيناً لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه, وكان من المهاجرين في سبيل الله, وقد ولق ولقةً تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها, وكان الصديق رضي الله عنه معروفاً بالمعروف, له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب, فلما نزلت هذه الاَية إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} الاَية, فإن الجزاء من جنس العمل, فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك, وكماتصفح نصفح عنك, فعند ذلك قال الصديق: بلى والله إنا نحب ـ يا ربنا ـ أن تغفر لنا ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة, وقال: والله لا أنزعها منه أبداً, في مقابلة ما كان, قال والله لا أنفعه بنافعة أبداً. فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته.

** إِنّ الّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقّ وَيَعْلَمُونَ أَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ
هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات ـ خرج مخرج الغالب ـ المؤمنات فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة, ولا سيما التي كانت سبب النزول, وهي عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما, وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الاَية, فإنه كافر لأنه معاند للقرآن, وفي بقية أمهات المؤمنين قولان: أصحهما أنهن كهي, والله أعلم.
وقوله تعالى: {لعنوا في الدنيا والاَخرة} الاَية, كقوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله} الاَية. وقد ذهب بعضهم إلى أنها خاصة بعائشة رضي الله عنها, فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا عبد الله بن خراش عن العوام عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في الاَية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: نزلت في عائشة خاصة, وكذا قال سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان, وقد ذكره ابن جرير عن عائشة فقال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي, حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: قالت عائشة: رميت بما رميت به وأنا غافلة فبلغني بعد ذلك, قالت: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عندي إذ أوحي إليه, قالت: وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السبات, وإنه أوحي إليه وهو جالس عندي, ثم استوى جالساً يمسح وجهه, وقال «يا عائشة أبشري» قالت: فقلت بحمد الله لا بحمدك, فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ـ حتى قرأ ـ أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم} هكذا أورده وليس فيه أن الحكم خاص بها, وإنما فيه أنها سبب النزول دون غيرها, وإن كان الحكم يعمها كغيرها, ولعله مراد ابن عباس ومن قال كقوله, والله أعلم. وقالالضحاك وأبو الجوزاء وسلمة بن نبيط: المراد بها أزواج النبي خاصة دون غيرهن من النساء.
وقال العوفي عن ابن عباس في الاَية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} الاَية, يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رماهن أهل النفاق, فأوجب الله لهم اللعنة والغضب وباءوا بسخط من الله فكان ذلك في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم, ثم نزل بعد ذلك {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ـ إلى قوله ـ فإن الله غفور رحيم} فأنزل الله الجلد والتوبة, فالتوبة تقبل والشهادة ترد. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم, حدثنا الحسين, حدثنا هشيم, أخبرنا العوام بن حوشب عن شيخ من بني أسد عن ابن عباس قال: فسر سورة النور, فلما أتى على هذه الاَية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} الاَية, قال: في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم, وهي مبهمة وليست لهم توبة, ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ـ إلى قوله ـ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحو} الاَية, قال: فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لمن قذف أولئك توبة, قال: فهمّ بعض القوم أن يقوم إليه فيقبل رأسه من حسن ما فسر به سورة النور. فقوله وهي مبهمة أي عامة في تحريم قذف كل محصنة ولعنته في الدنيا والاَخرة, وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا في عائشة ومن صنع مثل هذا أيضاً اليوم في المسلمات فله ما قال الله تعالى ولكن عائشة كانت أماً في ذلك.
وقد اختار ابن جرير عمومها وهوالصحيح, ويعضد العموم ما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب, حدثني عمي, حدثنا سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اجتنبوا السبع ا لموبقات» قيل: وما هن يا رسول الله ؟ قال «الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن بلال به.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عمر بن أبي خالد الحذاء الطاني المحرمي, حدثني أبي وحدثنا أبو شعيب الحراني, حدثنا جدي أحمد بن أبي شعيب, حدثني موسى بن أعين عن ليث عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة». وقوله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا أبو يحيى الرازي عن عمرو بن أبي قيس, عن مطرف عن المنهال عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: إنهم يعني المشركين إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الصلاة قالوا: تعالوا حتى نجحد فيجحدون, فيختم على أفواههم وتشهد أيديهم و أرجلهم ولا يكتمون الله حديثاً.
وقال ابن أبي حاتم وابن جرير أيضاً: حدثنا يونس بن عبد الأعلى, حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فيجحد ويخاصم, فيقال هؤلاء جيرانك يشهدون عليك, فيقول كذبوا, فيقال أهلك وعشيرتك, فيقول كذبوا, فيقال احلفوا فيحلفون, ثم يصمتهم الله فتشهد عليهم أيديهم وألسنتهم, ثم يدخلهم النار».
وقال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة الكوفي, حدثنا منجاب بن الحارث التميمي, حدثنا أبو عامر الأسدي, حدثنا سفيان بن عبيد المكتب عن فضيل بن عمرو الفقيمي عن الشعبي عن أنس بن مالك قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه, ثم قال: «أتدرون مم أضحك ؟» قلنا: الله ورسوله أعلم, قال «من مجادلة العبد لربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول: بلى, فيقول: لا أجيز عليّ إلا شاهداً من نفسي, فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام عليك شهوداً, فيختم على فيه ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بعمله, ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل» وقد رواه مسلم والنسائي جميعاً عن أبي بكر بن أبي النضر عن أبيه, عن عبد الله الأشجعي عن سفيان الثوري به, ثم قال النسائي: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن سفيان الثوري غير الأشجعي, وهو حديث غريب, والله أعلم, هكذا قال, وقال قتادة: ابن آدم, والله إن عليك لشهوداً غير متهمة في بدنك, فراقبهم واتق الله في سرك وعلانيتك, فإنه لا يخفى عليه خافية, الظلمة عنده ضوء, والسر عنده علانية, فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظن فليفعل ولا قوة إلا بالله.
وقوله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} قال ابن عباس {دينهم} أي حسابهم وكل ما في القرآن دينهم أي حسابهم, وكذا قال غير واحد, ثم إن قراءة الجمهور بنصب الحق على أنه صفة لدينهم, وقرأ مجاهد بالرفع على أنه نعت الجلالة, وقرأها بعض السلف في مصحف أبيّ بن كعب: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق, وقوله {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} أي وعده ووعيده وحسابه هو العدل الذي لا جور فيه.

** الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطّيّبَاتُ لِلطّيّبِينَ وَالطّيّبُونَ لِلْطّيّبَاتِ أُوْلَـَئِكَ مُبَرّءُونَ مِمّا يَقُولُونَ لَهُم مّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
قال ابن عباس: الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال, والخبيثون من الرجال للخبيثات من القول. والطيبات من القول للطيبين من الرجال, والطيبون من الرجال للطيبات من القول ـ قال ـ ونزلت في عائشة وأهل الإفك, وهكذا روي عن مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري وحبيب بن أبي ثابت, والضحاك, واختاره ابن جرير ووجهه بأن الكلام القبيح أولى بأهل القبح من الناس, والكلام الطيب أولى بالطيبين من الناس, فما نسبه أهل النفاق إلى عائشة هم أولى به, وهي أولى بالبراءة والنزاهة منهم, ولهذا قال تعالى: {أولئك مبرءون مما يقولون} وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال. والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء, والطيبات من النساء للطيبين من الرجال, والطيبون من الرجال للطيبات من النساء, وهذا أيضاً يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم, أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة لأنه أطيب من كل طيب من البشر, ولو كانت خبيثة لما صلحت له لا شرعاً ولا قدراً, ولهذا قال تعالى: {أولئك مبرءون مما يقولون} أي هم بعداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان {لهم مغفرة} أي بسبب ما قيل فيهم من الكذب, {ورزق كريم} أي عند الله في جنات النعيم, وفيه وعد بأن تكون زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن مسلم, حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن الحكم بإسناده إلى يحيى بن الجزار قال: جاء أسير بن جابر إلى عبد الله, فقال: لقد سمعت الوليد بن عقبة تكلم اليوم بكلام أعجبني, فقال عبد الله: إن الرجل المؤمن يكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما يستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل عنده يتلها فيضمها إليه وإن الرجل الفاجر يكون في قلبه الكلمة الخبيثة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل الذي عنده يتلها فيضمها إليه ثم قرأ عبد الله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} الاَية, ويشبه هذا ما رواه الإمام أحمد في المسند مرفوعاً «مثل هذا الذي يسمع الحكمة ثم لا يحدث إلا بشرّ ما سمع كمثل رجل جاء إلى صاحب غنم فقال اجزرني شاة, فقال: اذهب فخذ بأذن أيها شئت, فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم» وفي الحديث الاَخر «الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها».